samedi 10 mars 2012


عرض تحت عنوان :

  • قراءة في مادة تاريخ ضمن الموسوعة العامة بالفرنسية

تعددت تعاريف التاريخ  حسب المواضيع التي يهتم بها في كل عصر ويبقى الجامع بين هذه التعاريف هو أنه رواية الأحدات الماضية الحقيقية على عكس القصة، وهو نشاط معرفي يمارسه الإنسان للتعرف على أحواله الماضية وكيف وصل إلى ما هو عليه اليوم بجميع خصائصه الإقتصادية و الإجتماعية والسياسية.
وقد ظهرت مجموعة من النضريات تحاول تفسير دور القوانين والعلوم الإنسانية في التاريخ قصد فهم أفضل له ولأهدافه وأهمها الحتمية التاريخية التي تضع السبب ضمن أهم قوانين بناء المعرفة التاريخية، والمؤرخ عليه دائما أن يبحث عن الأسباب التي كانت وراء حادثة معينة وكذلك النضرية العلمية للتاريخ  التي هي حديثة شيئا ما، يصبح فيها التاريخ تتحكم فيه العلمية في جميع قوانين المعرفة التاريخية.
ومنذ القرن التاسع عشر دار جدال طويل حول علمية التاريخ ومدى رقيه إلى مرتبة العلم، وبعد تحليل طويل لوسائل اشتغاله تم التوصل إلى أنه علم كباقي العلوم الإنسانية لأنه يبحث في الإنسان أولا وأخيرا وكذلك استعماله للمنهج النقدي في التحليل وذهب هذا كله إلى حد مقارنته بالعلوم الحقة، والتحليل النقدي للوتائق يبرز بطبيعة الحال علمية التاريخ حيث يتم تحليل هذه الأخيرة عبر نقد داخلي ونقد خارجي.
تطور المجتمع برز معه ضرورة تطوير المعرفة التاريخية وتطوير اشكالاتها خاصة خلال القرن التاسع عشر، الذي برز فيه الإقتصاد والمجتمع كعنصرين أساسين يجب للتاريخ  البحث فيهما بجميع تجلياتهما عوض التركيز على ما هو سياسي في التاريخ والنتيجة هي ظهور التاريخ الإجتماعي نظرا لتأثير علماء الإجتماع على المؤرخين وتحويل أدوات علم الإجتماع الى وثيقة للمؤرخ.
وكذلك لا ننسى انفتاح التاريخ على علم اللسانيات الذي سمح للمؤرخ بتجاوز ميدان النص الإيجابي الى عوالم أخرى دون نسيان هذا النص، واللسانيات الحديثة تعطي للمؤرخ أدوات اشتغال تساعده على الوصول إلى مبتغاه.
برز على غرار هذا التاربخ الكمي والشمولي كإضافة لما سبق، حيث الأول يساعد عبر وسائل جديدة في التحليل وحفظ المعلومات عن طريق استعمال الحاسوب مثلا الذي سهل وضع البرامج، وكذلك ترتيب المعلومات التاريخية وصياغتها صيغة جديدة تلائم تطور العصر، والثاني يساعد على الوصف الشمولي والجدلي للحوادث وهو ضرورة بالنسبة للمؤرخ للوصول إلى المنهج الأكثر نجاعة وفعالية.
ويبقى المهم في التاريخ هو النقاش المنهجي بين جميع أطيافه المختلفة، حيث التعايش السلمي بين المدارس التاريخية يظهر على المستوى الوطني والدولي، ويتوضح كثيرا على مستوى المؤتمرات والندوات ويظل نقاشها في البحث عن أساليب جديدة للبحث التاريخي، وكذلك يوازي هذا جدال مع العلوم المجاورة للتاريخ الذي يأتي في إطار التطور الذي تعرفه هذه العلوم واحتياج المجتمع (الأوربي)دائما للتاريخ لربط الماضي بالحاضر وتبرير الحاضر بالماضي.
أما فيما يخص تاريخ التاريخ حسب الأوربيين فخارج القارة  يلاحض هؤلاء أن تطور التاريخ بطيء ويجدون أن التاريخ عند الصينيين كان يرتكز على الحوليات وعرفت تطورات خاصة خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر مع التطورات التي عرفتها الصين ومع المسلمين شكل القرآن والحديث الركيزة الأساسية للتاريخ، ومع ابن خلدون سيعرف التاريخ تطورا مهما وفي داخل أوربا نفسها التقاليد التاريخية ظهرت منذ الإغريق وطورها مجموعة من المؤرخين كتوسيديد، وعلى هذه الأسس طورت المعرفة التاريخية الى أن وصلت إلى ما هي عليه، حيث نجد مثلا تعريف منجد الأكاديمية الفرنسية "للتاريخ" بأنه رواية الأشياء الجديرة بالذاكرة.
كما استفاد التاريخ الأوربي من التاريخ الشرقي خاصة في عصر النهضة، وظلت مواضيع التاريخ تختلف حسب العصور حيث نجدها في التاريخ الوسيط مثلا مربوطة بالمجاعات وحوليات الرهبان أو بعض وقائع القديسين دون نسيان تاريخ المعارك والبطولات السياسية التي كانت حاضرة بقوة، أما فيما يخص المنهج ظهر هناك إرادة في تطوير التاريخ خاصة فيما يتعلق بتحليل الأحداث التاريخية.
ومع الحركة الإنسية سيبرز الوجه الإنساني للتاريخ متمثلا أساسا في الرسائل الجميلة للحركة الإنسية، وفي هذه الحقبة عرف التاريخ مجموعة من التحولات نظرا للتطور الأوربي، وكذلك اكتشاف عوالم جديدة خلال الاكتشافات الجغرافية والثورة الإقتصادية.
ومع القرن السابع عشر والثامن عشر سيكون هناك تحول في مهنة المؤرخ، وكذلك بناء الأسس العلمية للتاريخ الذي كان ثمرة لمجهودات على المستوى التاريخي وسيظهر التاريخ الإديولوجي مع ثلة من الباحثين أهمهم فولتيرvoltaire و جيبون jibon  وكذلك هيردرherder ، وهذا جاء كرد فعل لإختلاط التاريخ بالفلسفة وبروز فلسفة التاريخ والتاريخ  الايجابي ردا على محاولة التاريخ الإندماج مع العلوم الحقة، وكذلك العلوم الإجتماعية، فظهرت مجموعة من الإتجاهات في التاريخ أهمها، تاريخ الحضارات والتاريخ اليوم عرف مجموعة من التحديثات واستفاد من التراكم المنهجي لكي يطور نفسه فأصبح يعتمد على منهج تداخل العلوم والمنهج النقدي والمنهج التاريخي.
بعض أقسام التاريخ وأهميتها في الدراسة التاريخية :
_التاريخ الجغرافي : ظهر مع الثلاثينات خاصة مع تطور الجغرافية التاريخية التقليدية، يهتم بعلاقة المجال والتاريخ، حيث أن المجال يلعب دورا في تحريك عجلة التاريخ، وذلك عن طريق التأثير في الإنسان وحياته الاقتصادية والاجتماعية وكذا السياسية، وقد ظهر هذا مع مجموعة من الرواد أهمهم فردريك رادزل   radzelفي الحتمية الجغرافية ومنتنيسكيو  montiskioوجين بودن  jean bodanكما يهتم هذا الاتجاه ببناء الماضي الجغرافي عن طريق اكتشاف أهم التحولات التي عرفتها الأرض، وكذلك تأثير الإنسان عليها إلى أن وصلت إلى ما هي عليه انطلاقا من الماضي.
وفي هذا الإطار يأتي كذلك المنهج الكارطوغرافي ليساعد في التاريخ الجغرافي عن طريق وسائل جديدة للعمل تساعد المؤرخ على فهم البيئة في الماضي، وذلك يطرح الفرضيات والإجابة على مجموعة من الأسئلة: أين؟ كيف؟ لماذا؟ بالإضافة إلى دراسة الخرائط الطبوغرافية تساعد على ملأ مجموعة من الفراغات في التاريخ.
_التاريخ الإقتصادي : تطور خاصة مع التلاتينات اثر الأزمة الإقتصادية التي عرفها العالم (1929)، وكذلك العلاقة بين الإقتصادي و المؤرخ، حيث الأول  يبحت في الحقل الإقتصادي، و التاني يبحت أكثر عن الوسط الإقتصادي ودوره في تطور المجتمع و في النتائج التاريخية.
إن تعاون الإقتصاد في فهم  التاريخ ظهر أولا مع ابن خلدون و مع كيوم بادي  geaume   badi من خلال دراسته للعملة وقد طور هدا الإتجاه خلال القرن السابع عشر و التامن عشر خاصة في ألمانيا ومنه أخدها الفرنسيون، واشكال الإقتصاد هو أنه لكل عصر ضروفه الإقتصادية و الأليات المتحكمة فيه خاصة فيما يخص المصادر و التقنيات.
وعموما فأهم المشاكل التي يطرحها تطور التقنيات تتجلى في الأسعار و المشاكل الإجتماعية التي هي بدورها تؤتر في صيرورة المجتمع، و المشكل التاريخي أساسا يتعلق بالتحركات الإجتماعية في مواجهة الإقتصاد، وقد عرف التاريخ الإقتصادي مجموعة من التطورات في نمادجه  مثل النمودج الأمريكي.
_تاريخ الدهنيات : وهو حديث العهد و ما زال لم يعرف كثيرا إلا من طرف المتخصصين، وقد استعاد حقله وبدا يستعمل منهج التقصي في مادة النفسية الجماعية، و تنطلق العلاقة ما بين التاريخ و علم النفس من أن كل فعل تاريخي هو فعل نفسي بالدرجة الأولى، كما أن تاريخ الذهنيات يتعرف على المستويات و التفسيرات الطويلة و القصيرة داخل المجتمع ابتداءا من ما كانت عليه إلى ما هي عليه اليوم، و يساعد على التعرف على الهوة التي تفصل بين الذات الفردية و الذات الجماعية عن طريق التحليل النفسي رغم ان التحليل النفسي الجماعي لجماعة ليس هو مجموع التحليل النفسي لذوات فردية.
وفي النهاية فان تاريخ الدهنيات يمكن و ضعه في اطار مشروع واسع للتاريخ شمولي، حيت التحري عن العلاقات التي تبني حياة الأفراد في مجتمع يحتوي على منظور تقافي كذلك مهم للجزء الإقتصادي والقني.
_التاريخ الشفوي : عرف هذا المنهج تطورا كبيرا خاصة في العشرينيات من القرت العشرين، وكان من بين السباقين له الأمريكيين، حيث عرف عندهم ازدهارا كبيرا خاصة في الجامعات الأمريكية وتأسست الجمعية الأمريكية للتاريخ الشفوي مهمتها البحث في بناء أرشيف تاريخي للولايات المتحدة، وقد أخد الأوربيون على هذا النهج وخاصة في بريطانيا وفرنسا ورغم هذا فإن هذا التاريخ تبقى له مجموعة من الحدود يمكن تجاوزها حسب ظروف كل دولة وطبيعة الأدوات التي يتم الاشتغال بها.
_تاريخ العلاقات الدولية : اختلف ظهوره في الدول الأوربية حسب وضعيتها، وقد استفاد من التحولات التي عرفتها أوربا خلال القرون الأخيرة، وكذا دخول أوربا في مرحلة استعمارية تطلب تطوير علاقاتها الديبلوماسية سواء مع المستعمرات او الدول المنافسة لها، وقد كان تاريخ العلاقات الدولية  تاريخا دبلوماسيا، وعموما فهو يساعدنا على فهم طبيعة العلاقات بين الدول سواء السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية، وتحكمها في الأوضاع الداخلية للدول.
وسنتطرق في التالي الى بعض النظريات المهمة في التاريخ والتي يمكن الإستفادة منها في مادتنا هذه أهمها:
*النظرية الماركسية للتاريخ :تطورت هذه النظرية في الإتحاد السوفياتي خاصة مع الثورة التي عرفتها روسيا سنة 1917، وكذلك بروز ثلة من الباحثين أهمهم ماركس الذي كان من زعماء هذه النظرية، وهي مهمة بالنسبة لنا في تحليل أوضاع المجتمع وعلاقاتها  بالإقتصاد، وكذلك فهم الثورات الإجتماعية عن طريق ربطها بالظروف السياسية والإقتصادية.
والمؤرخ الماركسي حسب الماركسيين هو الذي يؤسس جميع أبحاثه على المادية التاريخية التي تسمح للمؤرخ ببناء معرفة تاريخية تعطي للتاريخ وضعية علم وضعي، والسياسي الماركسي هو في مجموعه الذي يسأل عن أفعال الناس، فالأول هدفه تعيين البنيات والقوانين، والثاني لتوقع وتنظيم التحولات الثورية في العالم.
والماركسية تبقى أداة لمقارنة جميع ما أدخلته الأبحاث التاريخية في العقلي داخل المعرفة وخاصة ما أتى به المؤرخين المعاصرين والذين يعتقدون بأنه جديد داخل التاريخ الكمي.
*النظرية المالتوسية للتاريخ: استفادت هذه النظرية من التحولات التي عرفتها أوربا خاصة خلال القرن الخامس عشر والسادس عشر، وحاولت لفت النظر الى مواضيع كان يغفلها الإنسان في التحليل التاريخي، وهي المجاعات والحروب والنمو الديمغرافي...     ودورها في التأثير على حياة الإنسان وحركة التاريخ بصفة عامة، وهذه المواضيع لازالت فيما نعتقد يخصها بحث جاد في وطننا هذا وفي التاريخ الجهوي بصفة خاصة، فرغم أنه ينظر اليها على أنها عوامل لا تستحق التحليل ودخولها في الأحداث التاريخية المهمة، الا أنه على عكس ذلك تلعب دورا مهما في تحديد مسار حياة مجموعات معينة، فالنمو الديمغرافي والمجاعات التي عانت منها أوربا مثلا قادتها الى الإكتشافات الجغرافية ونحن نعلم كيف أثرت هذه الأخيرة على مسار أوربا وتاريخها الى حد اليوم.
الدين والتاريخ :
يلعب الدين دورا مهما في حياة الأفراد والجماعات وهو يحدد هويتها فنحن نرى مثلا في هذا المقال الذي يتناول الدين والتاريخ في أوربا كيف ساهمت المسيحية منذ بدايتها في تغيير حياة مجموعة من الأفراد وتاريخهم بشكل عام، حيث مكنت قبضة الكنيسة لقرون من إعطاء وجه مظلم للعصر الوسيط بهذه القارة إلى غاية ظهور الإصلاحات الدينية التي غيرت جميع أسس الكنيسة عبر تحرير الفرد وترك له حرية اختيار شكل تعبده، وهذا بدوره لا يخص أوربا وحدها وكمقارنة فالإسلام مثلا عندنا ساهم في إعطاء وجه للمسلمين ولسكان مثلا الجزيرة العربية عند ظهوره، وكيف ساهم في تغيير حياتهم رأسا على عقب، وهو الذي مكنهم كذلك من فرض زعامتهم على شعوب متعددة لقرون عديدة.
ولهذا يجب الاء الدين والمعتقدات بصفة عامة أهمية كبيرة في التحليل التاريخي مع ربطه بعناصر أخرى بطبيعة الحال.
التاريخ الإجتماعي :
كان طفرة مصاحبة لتطور مجموعة من العلوم، أهمها علم الإجتماع وقد أسدا هذا التاريخ خدمة مهمة للتاريخ العام بصفة عامة فهو يمكن وضعه في مقابل التاريخ السياسي لأن دوره يختص بالمجتمع بصفة عامة، ففي أوربا من خلال هذه المقالات مكن من ملأ مجموعة من الفراغات التي كان يعاني التاريخ الأوربي النقص فيها خاصة فيما يخص تاريخ الطبقات السفلى في المجتمع ونقصد بها تاريخ عامة الشعب، وكذلك مكن من لفت الأنظار الى الضواحي التي كانت تساهم بشكل كبير في تاريخ المركز.
بالإضافة إلى تغطية تاريخ  الثورات الشعبية التي تساهم بدورها في تغيير الأنظمة السياسية وتغيير الدول بصفة عامة في بنياتها الإقتصادية و الإجتماعية، والتاريخ بطبيعة الحال مليء بأمثلة لما قلناه ومن أهمها الثورة الفرنسية والتي كانت بمثابة البوابة نحو التاريخ المعاصر حيث قادها الشعب الفرنسي بجميع طبقاته ضد النظام الملكي، وتمكنت من تحويل فرنسا الى جمهورية.
 وهذا التاريخ كذلك يعطينا امكانية للإتجاه نحو التاريخ المحدود في المكان والزمان، حيث الإهتمام بموضوع معين في منطقة معينة مثلما نجده اليوم في التاريخ الجهوي أو المنوغرافيات الجهوية.
وقد أعطى دفعة جديدة لتاريخ ضواحي المدن وكذلك الحروب الفلاحية بين الفلاحين والصراع حول الأرض.
وفي الأخير أعتقد أن كل هذه المواضيع التي حاولنا مقاربتها ولو بعجالة من خلال هذه المقالات حول التاريخ الأوربي هي مهمة بالنسبة لنا ويجب إعادة النظر فيها وخصوصا أن تاريخنا يعاني من مشاكل معقدة أكثر مما يعاني منها البحث التاريخي الأوربي ويهمنا أساسا في هذه المقالات الإستفادة من المناهج وأدوات العمل في البحث التاريخي.
والتاريخ الجهوي الذي نحن بصدده هو ميدان خصب لتجربة هذه المناهج ومحاولة اختيار منها ما يلائمنا في البحث على الصعيد الجهوي.
وكما يقول بول فاليري في حدود خطورة المعرفة التاريخية : "ان التاريخ من أخطر ما استطاعت كيمياء العقل أن تنتجه كما أن خصائصه معروفة جيدا : فهو يولد الأحلام ويسكر الشعوب، ويدوخها، يلد لها الذكريات الزائفة، ويقوي أفعالها، يبقي على جراحها القديمة، ويعذبها وقت راحتها، يقودها إلى هذيان العظمة، أو الى هذيان الإضطهاد، يجعل حياة الأمم إما مريرة أو رائعة، لا تحتمل، أو تافهة، يبرر ما نريد (تبريره)، ولا يعلمنا شيئا دقيقا لأنه يتضمن كل شيء و يقدم الأمثلة ع

dimanche 26 février 2012


جامعة السلطان مولاي سليمان                                           ماستر التاريخ و التراث الجهوي
كلية الآداب والعلوم الإنسانية                                                          لتادلة-أزيلال
بني ملال                                                                    الفصل الثالث

عرض حول:



 النظرية المالتوسية                   
مقدمة:
يستهدف هذا العرض محاولة للبحث في نظرية مالتوس باعتبارها أهم النظريات الحديثة التي حاولت البحث في العلاقة الرابطة بين تطور السكان وتطور الإنتاج وذلك خلال العصر الحديث وبالضبط في فترة القرن التاسع عشر مستفيدة من الظروف التي كانت تعيشها أوربا خلال هذه الفترة.
وقد استطاعت هذه النظرية أن تترك أثرا مهما في أوربا وفي الدراسات الاقتصادية بشكل مهم، وساهمت في تغيير عدد من الفرضيات والأفكار السائدة من قبل وكذلك برزت أساسا في مساهمتها في الالتفات إلى أهمية الدراسات الديموغرافية.
وقد وجهت إلى هذه النظرية مجموعة من الانتقادات، نظرا لحدتها في تحليلاتها ونظرتها التشاؤمية إلى الإنسان وكذلك النظرة إلى مستقبله بعين مليئة بالتشاؤم، وهذا كله ساعد في جلب الأحقاد على مالتوس سواء أثناء حياته أو مماته.
وسنحاول في هذا العرض قدر الإمكان التقرب من هذه النظرية والتعرف عليها حسب ما توفر من المراجع التي بين أيدينا والتي هي قليلة.    
I_تعريف مالتوس:
ولد توماس رو برت مالتوس في إنجلترا يوم 13 فبراير 1766، وهو من أسرة ميسورة الحال، وكان والده ملاك أراضي ومثقف صديق شخصي للفيلسوف جون هيوم jean hyom، ومن معارف جون جاك روسو.
تلقى تعليمه في البيت إلى غاية دخوله "كلية يسوع" jesus college، حيث  درس اللاهوت في جامعة كمبردج، كما برع في الرياضيات التي كانت تخصصه منذ 1784، كما درس العديد من المواضيع وحصل على العديد من الجوائز التقديرية في العديد من اللغات كالإنجليزية واللاتينية واليونانية. وحصل أيضا على لقب الماستر.
وفي سنة 1842 ساهم في دائرة المعارف البريطانية بمقال راجع فيه نظريته وتراجع عن نِسَبه الرياضية المرعبة، وركز - بشكل جديد - على زيادة عدد السكان كعامل في النضال من أجل الوجود[1].
أصبح منذ تعليمه لا يعتقد في شيء ينقصه الدليل، وعلى ذلك فقد رفض أن ينساق مع تيار التفاؤل الذي قام على أساس عاطفي يستولي على أفئدة الناس دون تفكير أو مناقشة ولم يتأثر مالتوس بهذا التيار من التفاؤل لأنه كان يحكم عقله في كل شئ وبكل دقة .
ثم التحق كاهنا بكنيسة إنجلترا في سنة 1798 وعمل أستاذا للتاريخ وعمل في  الاقتصاد منذ سنة 1806 حتى وفاته في سنة 1834، وقد شهد العصر الذي عاش فيه مالتوس في غرب أوربا تغيرات اجتماعية واقتصادية هامة أدت إلي ارتفاع بطئ في معدل زيادة السكان وقد ساد آنذاك أمر هام هو أن الشعب الكثير العدد يكون ذا قوة اقتصادية وعسكرية وذلك بغض النظر عن الظروف التي يعيش في ظلها أفراد هذا الشعب[2] .
من مؤلفاته  كتاب: "محاولة حول مبدأ السكان" سنة 1798 .


II_نظرية مالتوس حول السكان:
لقد صاغ هذا العالم نظريته تلك اعتماداً على قانون اقتصادي معروف باسمقانون تناقص الغلة “ الذي صاغه العالم الفرنسي” ان توجو “ ويعني هذا القانون انه كلما ازداد استخدام عنصر إنتاجي واحد مع بقاء العناصر الأخرى ثابتة فان الإنتاج الإضافي يبدأ بالانخفاض، قياسا على هذا القانون في مسألة السكان هنا انه طالما أن الموارد الاقتصادية بطبيعتها نادرة ومحدودة مهما أدخلت عليها من تحسينات، وإضافات رأسية أو أفقية فمن الطبيعي أن يأتي يوم ما لا تجد فيه الأعداد المتزايدة كفايتها من إنتاج الموارد الاقتصادية طالما تعدت نسبة النمو السكاني نسبة النمو في الناتج المحلي السنوي.
إن العلاقة التي حددها مالتوس قائمة على حركة نمو المجتمع وثبات إنتاج الغلة، وهذه علاقة غير حقيقية فإنتاج الغلة قائم على عدة عناصر متحركة وليست ثابتة، إضافة إلى التوسع في استغلال الأراضي والمياه والبذور وقوة الإنتاج وساعات العمل. كما أن للتطور العلمي في وسائل الإنتاج دور في تحسين الغلة والإنتاجية.[3]

نشر مالتوس مقاله الأول في سنة 1798 وهو في 32 من عمره دون أن يذكر اسمه فيه وقد ظهر بعنوان مطول هو  مقال عن:" المبدأ العام للسكان كما يؤثر في تقدم المجتمع في المستقبل ، مع ملاحظات على تكهنات جدوين ودي كوندرسيه وغيرهما من الكتاب"[4].
ونستعرض بعض فقرات مما كتب مالتوس في مقاله لكي نفهم آراءه، فقد كتب في الطبعة الأولى يبني قضيته على حقيقتين
* الحقيقة الأولى : أن الغذاء ضروري لحياة الإنسان
* الحقيقة الثانية : أن الشهوة الجنسية بين النوعين ضرورة أيضا وأنها ستبقى على ماهي عليه[5].
ثم أكد بعد ذلك ( أن قوة السكان في التزايد أعظم من قوة الأرض في إنتاج القوت للإنسان ... والسكان ، إذا لم يعق نموهم عائق ، يتزايدون حسب متتالية هندسية في الوقت الذي يتزايد فيه القوت حسب متتالية حسابية فقط ) ولما كان الإنسان لا يستطيع الحياة بدون غذاء فإن هاتين القوتين غير المتعادلتين لا بد أن يوجها نحو التعادل .

 ولذلك فان العوائق التي تحد من نمو السكان  دائمة النشاط. وكل هذه العوامل يمكن حصرها في "البؤس والرذيلة" أما البؤس الذي يرفع نسبة الوفيات، فرأى أنه نتيجة ضرورية محتومة، ولكنه لم يكن متأكدا من الرذيلة التي تخفض نسبة المواليد، إذ كتب يقول:" إن الرذيلة نتيجة محتملة جدا ،ولذلك نراها سائدة بكثرة ولكن لا يصح أن يقال عنها إنها نتيجة ضرورة محتومة وأخيرا أنهى إلى أن  عدم المساواة الطبيعية بين قوة السكان في التناسل وقوة الأرض في الإنتاج تدخل قانون الطبيعة العظيم الذي يجب أن يحفظ آثار هما في تعادل دائما  قد يكون صعوبة بدت، حاسمة ضد البقاء المحتمل لمجتمع يجب أن يعيش كل أعضائه في راحة وسعادة ودعة نسبية ولا يحسبون بأي قلق على تهيئة وسائل البقاء لهم ولأسرهم"  [6].
ذلك أهم ما أورده مالتوس في الطبعة الأولى لمقالة الذي أدى إلى تشاؤم الكثيرين ولا غرابة في ذلك، فإن ختام مقاله كان مشعبا بالتشاؤم فعلا، ولم يكن من السهل التوفيق بين ما نادى به، وبين فكرة أن العالم يقع تحت سيطرة إله رءوف رحيم . ولذلك فقد اتهم مالتوس بنشر كتاب ضد الدين، وكان اتهاما خطيرا بسمعته كرجل دين هو نفسه .وقد دعاه ذلك إلى مراجعة مقاله بإمعان وروية، وأن يتعمق في دراسة السكان مدة خمسة أعوام، زار خلالها أوربا مرتين،  وجمع مادة كبيرة، حللها وناقشها في الطبعة الثانية التي نشرها باسمه في عام 1803، ولذلك كان مقالة المنقح، ولا يزال، من أهم المراجع ذات الشأن في مسألة السكان .

مبدأ مالتوس في السكان كما جاء في مقاله الثاني :
يبدأ مالتوس في عرض مبدئه العام في السكان بقوله أن الغرض الأساسي من مقاله أن يختبر آثار أحد الأسباب المهمة التي عاقت تقدم البشر إلي السعادة، أما السبب فهوالاتجاه الثابت لجميع المخلوقات الحية نحو التزايد بدرجة أكثر من الغذاء المعد لها . ثم يستطرد قائلا:  "أن جرثوميات الحياة التي تحتويها هذه الأرض لو تركت لتنمو بحرية لملأت ملايين القنينات خلال بضعة آلاف من السنين، ولكن الضرورة، ذلك القانون الطبيعي العاتي المهيمن يقيدها وفق حدود معينة .إن فصائل النبات والحيوان لتنكمش تحت تأثير هذا القانون المقيد العظيم، ولا يستطيع الإنسان بأي جهود معقولة أن يهرب منه".   وعلى هذا الأساس فإن البشر كغيرهم من أنواع المخلوقات الحية الأخرى يميلون إلى التزايد بسرعة أكثر من ازدياد وسائل المعيشة إلا أن هذا الميل تقيده عوامل مختلفة . وقبل أن يحلل مالتوس هذه العوامل يهتم بتوضيح الموضوع فيقول، ماذا تكون زيادة السكان الطبيعية لو تركت لتمثل في حرية تامة؟ وماذا ينتظر أن تكون نسبة الزيادة في غلة الأرض وسط أكثر الظروف ملاءمة للكفاح الإنساني؟
ثم يذهب مالتوس إلى أنه ليس في استطاعتنا بالملاحظة المباشرة أن نتحقق من نسبة الزيادة لسكان لا يعوق نموهم عائق لأننا لا نجد حالة ما من الحالات المعروفة إلى الآن ، تركت فيها قوة السكان تبذل نشاطها في التزايد بحرية تامة . ولكن يمكننا أن نكون عن ذلك فكرة لا بأس بها مما حدث في أمريكا، ففي الولايات الشمالية الأمريكية حيث كانت وسائل المعيشية أكثر من الكفاية ، وكانت أخلاق الناس أكثر صفاء ولم تكن العوائق ضد الزيجات المبكرة كثيرة ... قد وجدنا أن السكان كان يتضاعف عددهم في أقل من خمسة وعشرين عاما وذلك خلال فترة تزيد على قرن ونصف. وعلى الرغم من ذلك فإنه في خلال هذه الفترات كانت الوفيات كثيرة في بعض البلاد بل كانت تزيد على المواليد أحيانا، ولذلك يمكن أن نعلن في أمان أن السكان، إذا لم يعق نموهم عائق، يستمرون في مضاعفة عددهم كل خمسة وعشرين عاما، أو يتزايدون في متتالية هندسية[7]
وإذا ما انتقلنا بعد ذلك إلي آراء مالتوس في زيادة إنتاج الأرض، نجده وقد احتاج إلى مثال واقعي يستند إليه كما فعل فيما يتعلق بزيادة السكان في أمريكا قد اختار حالة بريطانيا في أيامه لهذا الغرض، مع ملاحظة أن الزراعة فيها كانت وقتئذ في المحل الثاني بعد الصناعة ، وقد رأى أنه إذ اعتنى بالأرض عناية فائقة، فإنها سوف تنتج إنتاجا يبلغ ضعف الإنتاج الأصلي بعد خمسة وعشرين عاما، كما رأى في الوقت نفسه أن الأرض لا يمكنها أن تنتج أربعة أمثال إنتاجها الأصلي بعد خمسة وعشرين سنة أخرى كما يحدث في حالة الزيادة بين السكان
ويقول في الصدد: "سوف يناقض ذلك كل ما نعرفه عن خواص الأرض ؛ فإن إصلاح البقاع البور سوف يحتاج وقتا ومجهودا . ويجب أن يكون واضحا لكل من عندهم أي إلمام بالمواضيع الزراعية، أنه نسبيا كلما اتسعت الزراعة فإن الإضافات التي يمكن للأرض زيادتها سنويا إلى متوسط الإنتاج السابق لابد أن تتناقص تدريجيا وبانتظام". ويتضح من ذلك أنه كانت عند مالتوس فكرة واضحة عما أصبح يعرف فيما بعد بقانون الغلة المتناقصة. ولكنه للوصول إلي مقارنة واضحة بين زيادة السكان وزيادة إنتاج الأرض، كان على استعداد لأن أن يفترض ولو خطأ، أن الإنتاج الإضافي السنوي للأرض سوف تكون معادلة للإنتاج الأصلي كل خمسة وعشرين عاما، ثم يؤكد أنه لا يمكن لأكثر الناس تفاؤلا أن ينتظر أكثر من ذلك، ولكن على الرغم من كل هذا التساهل في حساب تزايد إنتاج الأرض، فإن الغلة أو القوت سوف يتزايد في متتالية حسابية
        ولإيضاح هذا المبدأ في مسألة السكان يضرب مالتوس المثل الآتي :
إذا أخذنا الأرض كلها ... وفرضنا أن السكان الحالين يعادلون ألف مليون ؛ فإن الأنواع البشرية سوف تتزايد حسب الأرقام: 1؛ 2 ؛ 4 ؛ 8 ؛ 16 ؛ 32 ؛ 64 ؛ 128 ؛ 256... بينما يزداد القوت حسب الأرقام :1 ؛ 2 ؛ 3 ؛ 4 ؛ 5 ؛ 6 ؛ 7 ؛ 8 ؛ 9 ...الخ . وعلى ذلك فخلال قرنين يكون عدد السكان بالنسبة للمواد الغذائية كنسبة 256 إلى 9 ،وبعد ثلاثة قرون 496 إلى [8]13.
ويختم مالتوس الباب الأول من مقاله بفقرة كثيرا ما تغفل في نقد رأيه وهي "في هذا الفرض لم توضع أي قيود على إنتاج الأرض، فقد يزداد على الدوام ويصبح أكثر من أية كمية بعينها، ولكن مع ذلك فإن قوة السكان تكون أكثر علوا ولا يمكن خفض الزيادة في الأنواع البشرية إلي مستوى وسائل المعيشة إلا بالعمل الدائم لقانون الضرورة القوي الذي يعمل كضابط للقوة العظمى للسكان[9].
وفي الباب الثاني من المقال يبحث مالتوس العوامل التي تضبط أو تعيق زيادة السكان . أما العائق النهائي فهو الحاجة إلي الغذاء ولكن في نظره ليس بالعائق المباشر إلا في المجاعات أما العوائق التي تعمل باستمرار وبقوة فهي تزيد تبعا لظروف كل مجتمع فصنفها إلي صنفين :
_ عوائق إيجابية
وهي متعددة ومختلفة وتشمل كل عوامل البؤس التي تنقص عدد السكان بتقصير الحياة البشرية، أي بزيادة نسبة الوفيات، كالحرف المضرة بالصحة والأعمال الشاقة، مثل: تشغيل الأطفال، والتعرض لتقلبات الفصول، والفقر الشديد وتربية الأطفال السيئة، وازدحام المدن الكبيرة والإفراط بأنواعه، وكل الأمراض والأوبئة والمجاعات[10] .
_العوائق المانعة
فتؤثر في نمو السكان عن طريق خفض نسبة المواليد، وقسمها إلى قسمين :
1_الرذيلة
وتشمل الاختلاط الجنسي الفوضوي، والميول الجنسية غير الطبيعية، وانتهاك حرمة الزوجية، والوسائل المختلفة لإخفاء نتائج العلاقات غير الشرعية.
2_الضبط الأخلاقي :
فهو الامتناع عن الزواج مع الاحتفاظ بسلوك عفيف طول مدة الامتناع .
ولاشك أن مالتوس فقد خلص نفسه من الاتهام الذي وجه إليه، وهو نشر مقال ضد الدين، فالضبط الأخلاقي ليس رذيلة ولا بؤسا، ولكنه في الوقت نفسه يحفظ عدد السكان في الحدود المناسبة، وبهذا الرأي الجديد الخاص بالضبط الخلقي محا كل شائبة ظاهرة تشوبه. 
و مبدأ مالتوس بشكل عام في السكان ينحصر في المسائل الثلاث الآتية
أ_ يحدد عدد السكان ضرورة بوسائل المعيشة أي القوت .
ب_ يزداد عدد السكان بشكل ثابت، حينما تزداد وسائل المعيشة، ما لم يعق ذلك موانع قوية جدا وظاهرة .
جـ_ هذه الموانع والموانع الأخرى التي تضبط قوة السكان العظمى، وتجعل آثارها في
مستوى وسائل القوت، ترجع كلها إلي الضبط الأخلاقي والرذيلة والبؤس .

III_حلول مالتوس للمشاكل التي طرحت له:

Ø    أن يتحقق التوازن بين السكان والمواد الغذائية بالحروب والكوارث وانتشار الأوبئة والمجاعات، وكأنه ينادي بالحروب ويتمنى الكوارث حتى يقل عدد السكان بالموت .

Ø    يجب الامتناع الاختياري عن الزواج مدى الحياة أو إلى زمن محدود، وكأنه ينادي بعدم التناسل وإيقاف غريزة فرضها الله فى الإنسان , وهذا ما ينادي به بعض المفكرين المعاصرين تحت شعار تحديد وتنظيم النسل .

Ø    يجب تخفيض أجور العمال لزيادة أرباح رجال الأعمال من الرأسماليين، أي الاهتمام بالطبقة الغنية على حساب الطبقة الفقيرة، حيث يرى أن تزايد عدد السكان الأغنياء هو الذي يؤدي على التنمية أما تزايد السكان الفقراء فيؤدي إلى التخلف .

Ø    منع العون والمنح المساعدات التي توجه إلى الفقراء من المنظمات الخيرية لأنها تساعدهم على كثرة التناسل ويصبحون عالة على العالم ويصيبهم بالكسل والبلادة[11] .

IV_الانتقادات التي وجهت لنظرية مالتوس:

لقد فند مزاعم مالتوس العديد من المفكرين والاقتصاديين الوضعيين منهم على سبيل المثال ما يلي :

o        – جيمس بونار:
 يقول جيمس بونار أن القس مالتوس ومن بعده من المالتوسيين المتأخرين وقعوا فى خطأ جسيم حينما نظروا إلى كل مولود جديد على أنه يمثل وحدة استهلاكية إضافية جديدة، فإذا كان للناس أفواه يأكلون بها فقد خلق الله لهم أيدٍ يعملون بها وينتجون، فأي مولود جديد يعتبر وحدة إنتاجية، جديدة كذلك قال: جيمس بونار عن مالتوس : "بأنه (مالتوس) أفضل رجل أسيئت معاملته في عصره وأن بونابرت نفسه لم يكن أكثر عداوة للجنس البشري منه " ولقد أطلق عليه في زمنه الشرير" .
o        فرانسيس مورلابيه وجوزيف كولنز .

لقد كتبا مؤلفاً بعنوان "خرافة الندرة"، فقالا فيه :"إن إحدى عشر دولة متخلفة وعلى الأقل تعانى من انخفاض اشد حده من معدلات مواليدها عما عانته أي من الدول التي صارت صناعية، ويضيفا أن النجاح الاقتصادي لأمة من  الأمم المتحدة لا يعتمد على الموارد الفنية بقدر ما يعتمد على تحفيز الأمة ودفعها للانطلاق " .

o        نيركسه

كتب نيركسه عن الكثافة السكانية في البلاد المتخلفة يقول أن جوهر المشكلة هو العمل على توجيه أكبر جزء من الناتج إلى التكوين الرأسمالي وأن قوة العمل في مجموعة من البلاد المتخلفة يمكن أن تكون سبباً للتقدم والتنمية، وذلك بعكس ما قال  القس مالتوس من ضرورة خفض قوة العمل بخفض الزيادة السكانية.

نظرية مالتوس في التنمية:
وتتمثل النظرية المالستية للتنمية في ضرورة زيادة رأس المال المستثمر في القطاعين الزراعي والصناعي، مقترحًا اتباع أساليب الإصلاح الزراعي كوسيلة لتحقيق زيادة الإنتاج، وتوجيه جزء أكبر من الاستثمارات لزراعة جميع الأراضي الصالحة للزراعة، مما يوفر فرص ربحية للاستثمارات فيه. هذا ويتم توجيه الباقي من رأس المال للقطاع الصناعي والذي تتضح فيه الغلة المتزايدة والتقدم التكنولوجي، لتزيد أهمية هذا القطاع مع دوران عجلة النمو. ويندد مالتس بأهمية تقدم القطاعين معًا، وعدم التركيز على أحدهما دون الآخر.



خاتمة:
يبدو أن مالتوس قد أعطى صورة قاتمة لمستقبل الإنسانية فانه من جانب أخر دفعها لبذل المزيد من الجهود لحل هذه الإشكالية الخطرة، لقد حققت الإنسانية تقدماً هائلاً على جميع الأصعدة العلمية، والاقتصادية، وسخرت العلوم والتقنيات لخدمة الإنسان وتوفير مستلزمات حياته، وإذا نجحت الدول المتقدمة في توفير الرفاهية لشعوبها وتنظيم الأسرة، فان على الدول النامية الأخذ بمسببات العلم لتطويرها بلدانها والتخلص من الفقر والمرض والجوع والبطالة والحروب.
ونخلص مما سبق إلى أن فكر الكلاسيك في النمو الاقتصادي يتركز في أن تطور النظام الاقتصادي الرأسمالي يعد سباقًا بين التقدم التكنولوجي والنمو السكاني، فإذا سبق التقدم نمو السكان تظهر موجة من النمو، وذلك لكون زيادة التقدم الفني تعمل على زيادة التشغيل والإنتاج والأجور، أي تسود حالة من الانتعاش الاقتصادي. وتؤدي هذه الأخيرة إلى زيادة السكان فظهور موجة جديدة من الركود ثم النمو والانتعاش.
المراجع:
_ظافر زهير ، النظريات السكانية وانعكاساتها على الاقتصاد والمجتمع: دراسة مقارنة، مقال منشور بمجلة الباحث الاجتماعي ، العدد: 10، السنة: 2010،
_ رمزي زكي، المشكلة السكانية وخرافة الماتلوسية الجديدة، مجلة عالم المعرفة، العدد: 84، السنة: 1984، نشر المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، الكويت،
_ عبلة عبد الحميد بخاري، التنمية والتخطيط الاقتصادي: نظريات النمو والتنمية الاقتصادية، الجزء الثالت،
_ عزت شاهين، روبرت مالتوس، الموسوعة العامة، المجلد السابع عشر،
http://www.arabency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=11468&m=1
_ آدم سميث و ظهور المدرسة الكلاسيكية: http://lmdeco.moncontact.com/t1352-topic
_ http://ar.wikipedia.org/wiki



[1] _ عزت شاهين، روبرت مالتوس، الموسوعة العامة، المجلد السابع عشر،
http://www.arabency.com/index.php?module=pnEncyclopedia&func=display_term&id=11468&m=1
[2] _ رمزي زكي، المشكلة السكانية وخرافة الماتلوسية الجديدة، مجلة عالم المعرفة، العدد: 84، السنة: 1984، نشر المجلس الوطني للثقافة والفنون والاداب، الكويت، ص: 17
[3] _ http://ar.wikipedia.org/wiki
[4] _ظافر زهير ، النظريات السكانية وانعكاساتها على الاقتصاد والمجتمع: دراسة مقارنة، مقال منشور بمجلة الباحث الاجتماعي ، العدد: 10، السنة: 2010، ص: 70
[5] _ نفس المرجع، ص: 70
[6] _ رمزي زكي، مرجع سابق، ص: 25
[7] _ عبلة عبد الحميد بخاري، التنمية والتخطيط الاقتصادي: نظريات النمو والتنمية الاقتصادية، الجزء الثالت، صص: 33،32
[8] _ رمزي زكي، مرجع سابق،ص: 26
[9] _ عزت شاهين، مرجع سابق.
[10] _ ظافر زهير ، مرجع سابق، ص: 71
[11] _ آدم سميث و ظهور المدرسة الكلاسيكية: http://lmdeco.moncontact.com/t1352-topic