samedi 10 mars 2012


عرض تحت عنوان :

  • قراءة في مادة تاريخ ضمن الموسوعة العامة بالفرنسية

تعددت تعاريف التاريخ  حسب المواضيع التي يهتم بها في كل عصر ويبقى الجامع بين هذه التعاريف هو أنه رواية الأحدات الماضية الحقيقية على عكس القصة، وهو نشاط معرفي يمارسه الإنسان للتعرف على أحواله الماضية وكيف وصل إلى ما هو عليه اليوم بجميع خصائصه الإقتصادية و الإجتماعية والسياسية.
وقد ظهرت مجموعة من النضريات تحاول تفسير دور القوانين والعلوم الإنسانية في التاريخ قصد فهم أفضل له ولأهدافه وأهمها الحتمية التاريخية التي تضع السبب ضمن أهم قوانين بناء المعرفة التاريخية، والمؤرخ عليه دائما أن يبحث عن الأسباب التي كانت وراء حادثة معينة وكذلك النضرية العلمية للتاريخ  التي هي حديثة شيئا ما، يصبح فيها التاريخ تتحكم فيه العلمية في جميع قوانين المعرفة التاريخية.
ومنذ القرن التاسع عشر دار جدال طويل حول علمية التاريخ ومدى رقيه إلى مرتبة العلم، وبعد تحليل طويل لوسائل اشتغاله تم التوصل إلى أنه علم كباقي العلوم الإنسانية لأنه يبحث في الإنسان أولا وأخيرا وكذلك استعماله للمنهج النقدي في التحليل وذهب هذا كله إلى حد مقارنته بالعلوم الحقة، والتحليل النقدي للوتائق يبرز بطبيعة الحال علمية التاريخ حيث يتم تحليل هذه الأخيرة عبر نقد داخلي ونقد خارجي.
تطور المجتمع برز معه ضرورة تطوير المعرفة التاريخية وتطوير اشكالاتها خاصة خلال القرن التاسع عشر، الذي برز فيه الإقتصاد والمجتمع كعنصرين أساسين يجب للتاريخ  البحث فيهما بجميع تجلياتهما عوض التركيز على ما هو سياسي في التاريخ والنتيجة هي ظهور التاريخ الإجتماعي نظرا لتأثير علماء الإجتماع على المؤرخين وتحويل أدوات علم الإجتماع الى وثيقة للمؤرخ.
وكذلك لا ننسى انفتاح التاريخ على علم اللسانيات الذي سمح للمؤرخ بتجاوز ميدان النص الإيجابي الى عوالم أخرى دون نسيان هذا النص، واللسانيات الحديثة تعطي للمؤرخ أدوات اشتغال تساعده على الوصول إلى مبتغاه.
برز على غرار هذا التاربخ الكمي والشمولي كإضافة لما سبق، حيث الأول يساعد عبر وسائل جديدة في التحليل وحفظ المعلومات عن طريق استعمال الحاسوب مثلا الذي سهل وضع البرامج، وكذلك ترتيب المعلومات التاريخية وصياغتها صيغة جديدة تلائم تطور العصر، والثاني يساعد على الوصف الشمولي والجدلي للحوادث وهو ضرورة بالنسبة للمؤرخ للوصول إلى المنهج الأكثر نجاعة وفعالية.
ويبقى المهم في التاريخ هو النقاش المنهجي بين جميع أطيافه المختلفة، حيث التعايش السلمي بين المدارس التاريخية يظهر على المستوى الوطني والدولي، ويتوضح كثيرا على مستوى المؤتمرات والندوات ويظل نقاشها في البحث عن أساليب جديدة للبحث التاريخي، وكذلك يوازي هذا جدال مع العلوم المجاورة للتاريخ الذي يأتي في إطار التطور الذي تعرفه هذه العلوم واحتياج المجتمع (الأوربي)دائما للتاريخ لربط الماضي بالحاضر وتبرير الحاضر بالماضي.
أما فيما يخص تاريخ التاريخ حسب الأوربيين فخارج القارة  يلاحض هؤلاء أن تطور التاريخ بطيء ويجدون أن التاريخ عند الصينيين كان يرتكز على الحوليات وعرفت تطورات خاصة خلال القرن الثامن عشر والتاسع عشر مع التطورات التي عرفتها الصين ومع المسلمين شكل القرآن والحديث الركيزة الأساسية للتاريخ، ومع ابن خلدون سيعرف التاريخ تطورا مهما وفي داخل أوربا نفسها التقاليد التاريخية ظهرت منذ الإغريق وطورها مجموعة من المؤرخين كتوسيديد، وعلى هذه الأسس طورت المعرفة التاريخية الى أن وصلت إلى ما هي عليه، حيث نجد مثلا تعريف منجد الأكاديمية الفرنسية "للتاريخ" بأنه رواية الأشياء الجديرة بالذاكرة.
كما استفاد التاريخ الأوربي من التاريخ الشرقي خاصة في عصر النهضة، وظلت مواضيع التاريخ تختلف حسب العصور حيث نجدها في التاريخ الوسيط مثلا مربوطة بالمجاعات وحوليات الرهبان أو بعض وقائع القديسين دون نسيان تاريخ المعارك والبطولات السياسية التي كانت حاضرة بقوة، أما فيما يخص المنهج ظهر هناك إرادة في تطوير التاريخ خاصة فيما يتعلق بتحليل الأحداث التاريخية.
ومع الحركة الإنسية سيبرز الوجه الإنساني للتاريخ متمثلا أساسا في الرسائل الجميلة للحركة الإنسية، وفي هذه الحقبة عرف التاريخ مجموعة من التحولات نظرا للتطور الأوربي، وكذلك اكتشاف عوالم جديدة خلال الاكتشافات الجغرافية والثورة الإقتصادية.
ومع القرن السابع عشر والثامن عشر سيكون هناك تحول في مهنة المؤرخ، وكذلك بناء الأسس العلمية للتاريخ الذي كان ثمرة لمجهودات على المستوى التاريخي وسيظهر التاريخ الإديولوجي مع ثلة من الباحثين أهمهم فولتيرvoltaire و جيبون jibon  وكذلك هيردرherder ، وهذا جاء كرد فعل لإختلاط التاريخ بالفلسفة وبروز فلسفة التاريخ والتاريخ  الايجابي ردا على محاولة التاريخ الإندماج مع العلوم الحقة، وكذلك العلوم الإجتماعية، فظهرت مجموعة من الإتجاهات في التاريخ أهمها، تاريخ الحضارات والتاريخ اليوم عرف مجموعة من التحديثات واستفاد من التراكم المنهجي لكي يطور نفسه فأصبح يعتمد على منهج تداخل العلوم والمنهج النقدي والمنهج التاريخي.
بعض أقسام التاريخ وأهميتها في الدراسة التاريخية :
_التاريخ الجغرافي : ظهر مع الثلاثينات خاصة مع تطور الجغرافية التاريخية التقليدية، يهتم بعلاقة المجال والتاريخ، حيث أن المجال يلعب دورا في تحريك عجلة التاريخ، وذلك عن طريق التأثير في الإنسان وحياته الاقتصادية والاجتماعية وكذا السياسية، وقد ظهر هذا مع مجموعة من الرواد أهمهم فردريك رادزل   radzelفي الحتمية الجغرافية ومنتنيسكيو  montiskioوجين بودن  jean bodanكما يهتم هذا الاتجاه ببناء الماضي الجغرافي عن طريق اكتشاف أهم التحولات التي عرفتها الأرض، وكذلك تأثير الإنسان عليها إلى أن وصلت إلى ما هي عليه انطلاقا من الماضي.
وفي هذا الإطار يأتي كذلك المنهج الكارطوغرافي ليساعد في التاريخ الجغرافي عن طريق وسائل جديدة للعمل تساعد المؤرخ على فهم البيئة في الماضي، وذلك يطرح الفرضيات والإجابة على مجموعة من الأسئلة: أين؟ كيف؟ لماذا؟ بالإضافة إلى دراسة الخرائط الطبوغرافية تساعد على ملأ مجموعة من الفراغات في التاريخ.
_التاريخ الإقتصادي : تطور خاصة مع التلاتينات اثر الأزمة الإقتصادية التي عرفها العالم (1929)، وكذلك العلاقة بين الإقتصادي و المؤرخ، حيث الأول  يبحت في الحقل الإقتصادي، و التاني يبحت أكثر عن الوسط الإقتصادي ودوره في تطور المجتمع و في النتائج التاريخية.
إن تعاون الإقتصاد في فهم  التاريخ ظهر أولا مع ابن خلدون و مع كيوم بادي  geaume   badi من خلال دراسته للعملة وقد طور هدا الإتجاه خلال القرن السابع عشر و التامن عشر خاصة في ألمانيا ومنه أخدها الفرنسيون، واشكال الإقتصاد هو أنه لكل عصر ضروفه الإقتصادية و الأليات المتحكمة فيه خاصة فيما يخص المصادر و التقنيات.
وعموما فأهم المشاكل التي يطرحها تطور التقنيات تتجلى في الأسعار و المشاكل الإجتماعية التي هي بدورها تؤتر في صيرورة المجتمع، و المشكل التاريخي أساسا يتعلق بالتحركات الإجتماعية في مواجهة الإقتصاد، وقد عرف التاريخ الإقتصادي مجموعة من التطورات في نمادجه  مثل النمودج الأمريكي.
_تاريخ الدهنيات : وهو حديث العهد و ما زال لم يعرف كثيرا إلا من طرف المتخصصين، وقد استعاد حقله وبدا يستعمل منهج التقصي في مادة النفسية الجماعية، و تنطلق العلاقة ما بين التاريخ و علم النفس من أن كل فعل تاريخي هو فعل نفسي بالدرجة الأولى، كما أن تاريخ الذهنيات يتعرف على المستويات و التفسيرات الطويلة و القصيرة داخل المجتمع ابتداءا من ما كانت عليه إلى ما هي عليه اليوم، و يساعد على التعرف على الهوة التي تفصل بين الذات الفردية و الذات الجماعية عن طريق التحليل النفسي رغم ان التحليل النفسي الجماعي لجماعة ليس هو مجموع التحليل النفسي لذوات فردية.
وفي النهاية فان تاريخ الدهنيات يمكن و ضعه في اطار مشروع واسع للتاريخ شمولي، حيت التحري عن العلاقات التي تبني حياة الأفراد في مجتمع يحتوي على منظور تقافي كذلك مهم للجزء الإقتصادي والقني.
_التاريخ الشفوي : عرف هذا المنهج تطورا كبيرا خاصة في العشرينيات من القرت العشرين، وكان من بين السباقين له الأمريكيين، حيث عرف عندهم ازدهارا كبيرا خاصة في الجامعات الأمريكية وتأسست الجمعية الأمريكية للتاريخ الشفوي مهمتها البحث في بناء أرشيف تاريخي للولايات المتحدة، وقد أخد الأوربيون على هذا النهج وخاصة في بريطانيا وفرنسا ورغم هذا فإن هذا التاريخ تبقى له مجموعة من الحدود يمكن تجاوزها حسب ظروف كل دولة وطبيعة الأدوات التي يتم الاشتغال بها.
_تاريخ العلاقات الدولية : اختلف ظهوره في الدول الأوربية حسب وضعيتها، وقد استفاد من التحولات التي عرفتها أوربا خلال القرون الأخيرة، وكذا دخول أوربا في مرحلة استعمارية تطلب تطوير علاقاتها الديبلوماسية سواء مع المستعمرات او الدول المنافسة لها، وقد كان تاريخ العلاقات الدولية  تاريخا دبلوماسيا، وعموما فهو يساعدنا على فهم طبيعة العلاقات بين الدول سواء السياسية أو الإقتصادية أو الإجتماعية، وتحكمها في الأوضاع الداخلية للدول.
وسنتطرق في التالي الى بعض النظريات المهمة في التاريخ والتي يمكن الإستفادة منها في مادتنا هذه أهمها:
*النظرية الماركسية للتاريخ :تطورت هذه النظرية في الإتحاد السوفياتي خاصة مع الثورة التي عرفتها روسيا سنة 1917، وكذلك بروز ثلة من الباحثين أهمهم ماركس الذي كان من زعماء هذه النظرية، وهي مهمة بالنسبة لنا في تحليل أوضاع المجتمع وعلاقاتها  بالإقتصاد، وكذلك فهم الثورات الإجتماعية عن طريق ربطها بالظروف السياسية والإقتصادية.
والمؤرخ الماركسي حسب الماركسيين هو الذي يؤسس جميع أبحاثه على المادية التاريخية التي تسمح للمؤرخ ببناء معرفة تاريخية تعطي للتاريخ وضعية علم وضعي، والسياسي الماركسي هو في مجموعه الذي يسأل عن أفعال الناس، فالأول هدفه تعيين البنيات والقوانين، والثاني لتوقع وتنظيم التحولات الثورية في العالم.
والماركسية تبقى أداة لمقارنة جميع ما أدخلته الأبحاث التاريخية في العقلي داخل المعرفة وخاصة ما أتى به المؤرخين المعاصرين والذين يعتقدون بأنه جديد داخل التاريخ الكمي.
*النظرية المالتوسية للتاريخ: استفادت هذه النظرية من التحولات التي عرفتها أوربا خاصة خلال القرن الخامس عشر والسادس عشر، وحاولت لفت النظر الى مواضيع كان يغفلها الإنسان في التحليل التاريخي، وهي المجاعات والحروب والنمو الديمغرافي...     ودورها في التأثير على حياة الإنسان وحركة التاريخ بصفة عامة، وهذه المواضيع لازالت فيما نعتقد يخصها بحث جاد في وطننا هذا وفي التاريخ الجهوي بصفة خاصة، فرغم أنه ينظر اليها على أنها عوامل لا تستحق التحليل ودخولها في الأحداث التاريخية المهمة، الا أنه على عكس ذلك تلعب دورا مهما في تحديد مسار حياة مجموعات معينة، فالنمو الديمغرافي والمجاعات التي عانت منها أوربا مثلا قادتها الى الإكتشافات الجغرافية ونحن نعلم كيف أثرت هذه الأخيرة على مسار أوربا وتاريخها الى حد اليوم.
الدين والتاريخ :
يلعب الدين دورا مهما في حياة الأفراد والجماعات وهو يحدد هويتها فنحن نرى مثلا في هذا المقال الذي يتناول الدين والتاريخ في أوربا كيف ساهمت المسيحية منذ بدايتها في تغيير حياة مجموعة من الأفراد وتاريخهم بشكل عام، حيث مكنت قبضة الكنيسة لقرون من إعطاء وجه مظلم للعصر الوسيط بهذه القارة إلى غاية ظهور الإصلاحات الدينية التي غيرت جميع أسس الكنيسة عبر تحرير الفرد وترك له حرية اختيار شكل تعبده، وهذا بدوره لا يخص أوربا وحدها وكمقارنة فالإسلام مثلا عندنا ساهم في إعطاء وجه للمسلمين ولسكان مثلا الجزيرة العربية عند ظهوره، وكيف ساهم في تغيير حياتهم رأسا على عقب، وهو الذي مكنهم كذلك من فرض زعامتهم على شعوب متعددة لقرون عديدة.
ولهذا يجب الاء الدين والمعتقدات بصفة عامة أهمية كبيرة في التحليل التاريخي مع ربطه بعناصر أخرى بطبيعة الحال.
التاريخ الإجتماعي :
كان طفرة مصاحبة لتطور مجموعة من العلوم، أهمها علم الإجتماع وقد أسدا هذا التاريخ خدمة مهمة للتاريخ العام بصفة عامة فهو يمكن وضعه في مقابل التاريخ السياسي لأن دوره يختص بالمجتمع بصفة عامة، ففي أوربا من خلال هذه المقالات مكن من ملأ مجموعة من الفراغات التي كان يعاني التاريخ الأوربي النقص فيها خاصة فيما يخص تاريخ الطبقات السفلى في المجتمع ونقصد بها تاريخ عامة الشعب، وكذلك مكن من لفت الأنظار الى الضواحي التي كانت تساهم بشكل كبير في تاريخ المركز.
بالإضافة إلى تغطية تاريخ  الثورات الشعبية التي تساهم بدورها في تغيير الأنظمة السياسية وتغيير الدول بصفة عامة في بنياتها الإقتصادية و الإجتماعية، والتاريخ بطبيعة الحال مليء بأمثلة لما قلناه ومن أهمها الثورة الفرنسية والتي كانت بمثابة البوابة نحو التاريخ المعاصر حيث قادها الشعب الفرنسي بجميع طبقاته ضد النظام الملكي، وتمكنت من تحويل فرنسا الى جمهورية.
 وهذا التاريخ كذلك يعطينا امكانية للإتجاه نحو التاريخ المحدود في المكان والزمان، حيث الإهتمام بموضوع معين في منطقة معينة مثلما نجده اليوم في التاريخ الجهوي أو المنوغرافيات الجهوية.
وقد أعطى دفعة جديدة لتاريخ ضواحي المدن وكذلك الحروب الفلاحية بين الفلاحين والصراع حول الأرض.
وفي الأخير أعتقد أن كل هذه المواضيع التي حاولنا مقاربتها ولو بعجالة من خلال هذه المقالات حول التاريخ الأوربي هي مهمة بالنسبة لنا ويجب إعادة النظر فيها وخصوصا أن تاريخنا يعاني من مشاكل معقدة أكثر مما يعاني منها البحث التاريخي الأوربي ويهمنا أساسا في هذه المقالات الإستفادة من المناهج وأدوات العمل في البحث التاريخي.
والتاريخ الجهوي الذي نحن بصدده هو ميدان خصب لتجربة هذه المناهج ومحاولة اختيار منها ما يلائمنا في البحث على الصعيد الجهوي.
وكما يقول بول فاليري في حدود خطورة المعرفة التاريخية : "ان التاريخ من أخطر ما استطاعت كيمياء العقل أن تنتجه كما أن خصائصه معروفة جيدا : فهو يولد الأحلام ويسكر الشعوب، ويدوخها، يلد لها الذكريات الزائفة، ويقوي أفعالها، يبقي على جراحها القديمة، ويعذبها وقت راحتها، يقودها إلى هذيان العظمة، أو الى هذيان الإضطهاد، يجعل حياة الأمم إما مريرة أو رائعة، لا تحتمل، أو تافهة، يبرر ما نريد (تبريره)، ولا يعلمنا شيئا دقيقا لأنه يتضمن كل شيء و يقدم الأمثلة ع

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire