samedi 18 février 2012



عرض في موضوع:
من أعلام منطقة واويزغت:
سيدي امحند أمحند و سيدي سعيد أويوسف




إعداد  الطالب:                                                                      تحت إشراف الدكتور:
                 بويزكارن هشام                                                                       د. المصطفى عربوش
                                                                                            
الموسم الجامعي
2012/2011


التصميم:
        مقدمة:
الشيخ سيدي امحند أمحند:_I
ظروف إنتقال أسرة الشيخ إلى واويزغت:_1                    
أصله ونسبه:_2                    
                  _3الشيوخ الذين تتلمذ عليهم الشيخ سيدي امحند أمحند:
                  4 _تلاميذه:           
أحواله: _5                 
                  _6الكرامات:
II _سيدي سعيد أويوسف: 
                  1_ الأصل و النسب:
                  2 _ تعليمه :
                  3_ أحواله :
                  4_ الطريقة الحنصالية:
خاتمة:




مقدمة:
يشكل الاهتمام بالأعلام طفرة جديدة في إعادة الاعتبار لها، وكذلك تبين أهم أدوارها التاريخية سواءا على الصعيد الجهوي أو الوطني، وكذلك المساهمة في بناء معرفة تاريخية لهذه الأعلام انطلاقا من رصد حياتها و الأدوار التي لعبها هؤلاء، لتغطية بعض النقص فيما يخص المصادر التاريخية المتخصصة.
ومن هذا المنطلق يأتي بحثنا هذا حول شخصيتين معروفتان في منطقة واويزغت، وهي سيدي سعيد أويوسف و سيدي امحند أمحند نظرا للأدوار التي لعبها هؤلاء في المنطقة، والتي تجاوزت الصعيد الجهوي إلى الوطني.
واختيارنا لهذين الشخصين هو المساهمة في إغناء النقاش حول تاريخ التصوف بالمنطقة ومتزعميه، هذا إذا علمنا مدى ما وصلت إليه هذه المنطقة في هذا الميدان خاصة بعد تأسيس زاوية أيت مضريف بدوار أيت واعزيق حاليا قرب واويزغت.
وقد لعب كل من سيدي سعيد أويوسف و سيدي امحند أمحند أدوارا مهمة خاصة فيما يخص التأطير الديني للسكان، ولازالت بعض الأصداء في الروايات الشفوية المحلية تؤكد هذا، ووجود أضرحة هؤلاء خالدة إلى اليوم دليل على مدى أهمية هذه الشخصيات في حياة سكان المنطقة.
وسنحاول من خلال هذا العرض المتواضع التعرف على هاتين الشخصيتين وذلك في حدود ما توفره لنا المصادر الموجودة بطبيعة الحال.








الشيخ سيدي امحند أمحند:_I
ظروف إنتقال أسرة الشيخ إلى واويزغت:_1
يرجع تأسيس الزاوية لعائلة الشيخ إلى نزوح أحد العائلات الإدريسية القادمة من الساقية الحمراء، وهذا في إطار الهجرات التي عرفتها منطقة واويزغت من الجنوب المغربي بداية من نزوح أيت عطا شمالا، وتزعم هذه العائلة الشريف سيدي لحسن بن علي الذي انتهى به المطاف إلى الإستقرار بقبيلة أيت وزكان المصمودية بواويزغت.
وقد كانت أسباب هذا النزوح متعددة أهمها حسب بعض الوثائق، العراكات الدامية في الجنوب بسبب ارتفاع النمو الديموغرافي، و انخفاض في الإنتاج الذي أدى بدوره إلى إصطدامات كان الهدف منها الإستيلاء على الأراضي. واستقرار هذه العائلة التي ينتمي إليها سيدي امحند أمحند لم يكن الأول بل سبقه إستقرار لها بتمصلوحت.[1]
ويذهب فيما يخص قضية النسب هذه صاحب الصفوة مذهبا أخر حيث يردهم إلى عثمان بن عفان رضي الله عنه، حيث يقول في ترجمته له:" ومنهم الشيخ الرباني أبو عبد الله محمد بن الحسن الدادسي دفين ووزغت من جبال تادلا، ينتسب لسيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، كان قوي الحال ..."[2]
أصله ونسبه:_2
هو سيدي محمد بن محمد بن لحسن بن علي الملقب من طرف الساكنة بسيدي امحند أمحند.[3]
و يعرف أيضا في المصادر التاريخية بمحمد بن لحسن الدادسي[4]، و كذلك بمحمد بن لحسن الواوزغتي[5].
لا تذكر لنا المصادر التاريخية تاريخ ولادة الشيخ، و إنما تقتصر فقط على وفاته و عمره وهو ما سيعيننا على تحديد تاريخ ولادته، حيث يقول في هذا الإطار صاحب دوحة البستان في مناقب سيدي علي بن عبد الرحمان عن هذا الولي :" فإن القطب الرباني الشيخ الكامل في وقته .... عاش في حياته أربعة و ثمانون عاما ، و توفي رحمه الله إثنين و ستين و ألف".[6]
ويقول هنا كذلك محمد بن الطيب القادري صاحب نشر المثاني : " توفي _رحمه الله_ سنة إثنين و ستين وألف، و سنه أربع و ثمانون سنة . هكذا أخبرني بهذه الترجمة جميعها بعض المنتسبين إليه."[7]
و من هاتين الشهادتين يتبين أن تاريخ ولادة سيدي امحند أمحند هي 978 ه.
و توفي رحمه الله حسب إجماع المصادر التي إطلعنا عليها سنة 1062 ه/ 1652 م.
  الشيوخ الذين تتلمذ عليهم الشيخ سيدي امحند أمحند: _3
تتلمذ الشيخ سيدي محمد بن محمد على يد شيخين مهمين و هما عبد الله بن حسون السلاسي بسلا و هو من أصحاب عبد الله الهبطي، حيث بقي عنده مدة، يحددها صاحب نشر المثاني في عام و احد،[8] علمه حوالي خمسين ألف ورد و" أمره أن يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله كل يوم و يزيد عند رأس كل مائة صلى الله عليه و سلم، فكان يقولها، و قال له تكلفت بثلاثة أمور: من عرفك فعليه أمان الله، و أصحابك لا يذوقون الحساب ، و أنهم يغبطهم الناس في الموقف".[9]
و كذلك تتلمذ سيدي محمد بن محمد على الشيخ أبي بكر الدلائي، و تأثر به كثيرا لدرجة أنه هناك من يذهب إلى اعتبار الزاوية الموجودة بواويزغت فرع من الزاوية الدلائية.
وهذا ما يظهر في ترجمة محمد القادري لهذا الشيخ، حيث أنه أثناء عودة سيدي محمد بن محمد من سلا توجه إلى الزاوية الدلائية، ولقي بصاحبها أبي بكر الدلائي وزاده من علمه، فبعد أن سأل هذا الأخير ما تعلمه في سلا على يد شيخه الأول طلب منه أن يزيد في علمه لأن هذا لا يكفيه " كم وردك  فقال خمسون ألفا و قراءة القران و ما تيسر من النوافل، فقال سيدي أبو بكر ما زال لك ما زال لك، يعني أنه أن يزيد على ذلك."[10] 
و مما يؤكد علاقة سيدي محمد بن محمد بأبي بكر الدلائي، هو إستمرار العلاقة بينهما لمدة ثلاثين سنة، و كذلك إتيان هذا الشيخ بأتباعه و مورديه إلى أبي بكر بالزاوية الدلائية إلى أن توفي أبي بكر، و بعده سيقوم بالإلتحاق بزاوية عائلته في المكان المعروف حاليا بواويزغت و بالضبط بدوار أيت سيدي امحند أمحند[11].
و هذه الصحبة يؤكدها صاحب مباحث الأنوار في ترجمة علي بن عبد الرحمان الدرعي:    " كان أخدا أولا عن الشيخ عبد الله بن حسون السلاوي ، وهو الذي قال للشيخ محمد بن أبي بكر الدلائي من قيل له من مس لحمك لم تمسه النار، كيف لا يمد يده و رجله لمن يقبلهما  فانتفع به ثم إنه أحس بكبر الشيخ، فقال له : يا سيدي جعلني الله تعالى  فداءك،...."[12]
ثم تتلمذ الشيخ على يد أبو محمد بن حسون و هذا ما جاء في نص القادري : " و سأله الشيخ ( أبي بكر الدلائي المجاطي )، فأمره أن يزيد فيها عبدك و نبيك و رسولك قبل النبي الأمي".[13]
و جاء في هامش لمحقق كتاب "مباحث الأنوار في بعض الأخيار "، عبد العزيز بوعصاب أنه كان عبد الله الهبطي من أشياخه الذين لم يذكرهم صاحب الكتاب المحقق له ، بالإضافة إلى صحبة أشياخ الزاوية الدلائية التي كانت متميزة.[14]
_4تلاميذه:
من أهم تلاميذة الشيخ سيدي امحند أمحند نجد الحسن بن علي بن عبد الرحمان بن أحمد إبن يعقوب بن صالح الدرعي، حيث أنه كان بأكرض يدرس القران للطلبة و يعلم الصبيان و يصلي بالناس إلى أن سمع بخبر الشيخ بووزغت و ما تناقله الناس عنه بأنه "من أكابر الأولياء" [15]، وعزم على التوجه إليه من أجل الإستفادة منه و أخد طريقته.
ومن ما حدث بين هذين الإثنين أول مرة أن سيدي محمد بن محمد " قال له: أتحب أن ترى النبي صلى الله عليه و سلم ؟ قلت له: نعم ، فانصرف رحمه الله إلى داره فأخذتني سنة (النوم العميق) فرأيته قد أقبل فقبض بيدي و انصرف به إلى روضة خضراء و عليه حلة خضراء، فلما جئنا باب الروضة، فتح الباب للشيخ فدخل و تركني واقفا بالباب و كان المصطفى صلى الله عليه وسلم في تلك الروضة، فقال له الشيخ: يا رسول الله رجل من أصحابي طلب رؤيتك؟ فقال صلى الله عليه وسلم: جئ به إلينا، فرجع إلى الشيخ فدخلت معه، فلما رأيت وجه المصطفى صلى الله عليه وسلم غشاني النور، فسترني صلى الله عليه وسلم بردائه و قال لي :هكذا تعيش، و هكذا تبعث يوم القيامة فانتبهت فرحا و مسرورا".[16]  
و ظل علي بن عبد الرحمان فيما بعد بووزغت عند الشيخ و أصبح من موريديه الأساسيين إلى أن توفي الشيخ، حيث تصدر لفترة ترأس الزاوية ، ومن تم ذهب إلى تاموجت حيث أسس زاويته.[17]
أحواله: _5
كان الشيخ يتمتع بشهرة مهمة نظرا لعلمه و ما كان معروفا عليه من زهده في الدنيا و تطلعه إلى ملاقاة الصلحاء و المشدودون إلى طريق الله ، و يشير صاحب الصفوة إلى أنه " كان قوي الحال ، كثير التواجد لا يتمالك عند تلاوة القران و سماعه، له نبعث المكالمة و المناجاة".[18]
وظل قبل مخالطة أبي بكر الدلائي إذا صاحب أحدا و أحس بعدم الإنتفاع به ندم على المصاحبة.[19]
و كان الشيخ يكثر من الأوراد كل يوم، حيث بلغ عدد أوراده مائة و خمسين ألفا، و يرددها كل يوم ثلاث مرات، و كذلك كتاب " تنبيه الأنام " يختمه مرة،[20] دون أن ننسى قراءة القران الذي كان في أخر أيامه لا يتمالك نفسه عند تلاوته أو سماعه، حيث يظل يعمل فيه كثيرا و يتحرك و يتواجد حتى يكاد يطير،" حتى كان في أخر أمره لا يستطيع سماعه، لسماعه له بنعت المكالمة و المناجاة.[21] و من مناقبه أنه كان يبدأ القران بعد المغرب و يختمه عند صلاة العتمة ( العشاء ).[22]
 و كان مدة بدايته لا ينام من الليل شيئا، بقي على ذلك ثلاثين سنة، و سرى للناس من نفحاته، فكانوا يأتونه بقصد الصحبة فيردهم، ثم ظهر له أن ذلك صد عن سبيل الله و قطع للطريق، و جعل يقبل صحبتهم على نية أنه يذهب بهم إلى الشيخ أبي بكر، فلما اجتمع منهم عدد ذهب بهم إلى الشيخ.[23]

و من أقواله يذكر صاحب نشر المثاني ما يلي:
·       الجلد المنتفخ لا يعمل في الدبغ حتى يزول منه إنتفاخه ، و كذلك المتكبر لا يتأثر بشيئ حتى يزول منه الكبر.
·       إذا تعلم الإنسان حرفة صناعة وحصل له العلم بها ، ثم لم يشتغل بخدمتها، فإنه لا يحصل له  منها أجرة، وكذلك العلم و الحال و غيرهما إذا لم يشتغل صاحبهما بهما و بالعمل بمقتضاهما لم يحصل له منهما نفع.
·       المرآة إذا لحسها الإنسان بريقه ذهبت صقالتها، و كذلك المومن إذا أعجبته نفسه ذهب ضياؤه و جماله، و فسد حاله.[24] 
_6الكرامات:   
كغيره من الأولياء المشهورين بمنطقة تادلا خاصة و المغرب بصفة عامة فقد كان للولي مجموعة من الكرامات لا زالت بعض أصداءها تتردد على لسان الساكنة المحلية، حيث أن هذه الكرامات كان لها و قع كبير على الناس، وهي التي ساهمت بشكل أو بأخر في الاعتقاد ببركة هذا الولي و الإستمرار في الإعتقاد به إلى اليوم، و من أهم هذه البركات التي ما زالت في أذهان بعض الناس، أنه أتى بعض الناس من الجنوب قاصدين زيارته بووزغت فلما وصلوا إلى نهر واد العبيد فقدوا ولدهم، حيث جذبه النهر، و تألموا لهذا، لكن عزمهم على زيارة الولي جعلهم ينسون ألمهم وولدهم، و أثناء و وصولهم إلى مقر الشيخ ببركته وجدوا عنده ولدهم.[25]
و من كراماته كذلك التي ذكرها صاحب نشر المثاني أنه ببركته إستطاع أن يجعل الوادي يعمر بالمياه و ذلك أثناء سؤاله من طرف أحد الزائرين له بالتدخل في حل مشكل هذا الوادي،[26] " فبادروا إلى ذلك تعرضا للإغاتة و الاستناد إليه مما هم فيه من شدة الحال.   و جمعوا له غنما كثيرة و ذهبوا، و عندما قربوا من الإشراف عليه قال لهم (أحد الزائرين): إن قال لكم الشيخ يكون شيء، فقولوا يكون يا سيدي من بركتك. فلما لاقوه قال للذي أتى بهم، فقير، خير من فقير حباب، والتفت إليهم فقال لهم:كيف هو واديكم أيقدر أن يدور الرحى؟   فقالوا له: نعم يا سيدي يدورها من بركاتك، فقال لهم يدورها . فلما رجعوا إلى مكانهم وجدوا الوادي ينهمر به حس عظيم يدور الرحا وأعظم منها".[27]
وكذلك بركة إنزال المطر وهذا يظهر فيما تعرضت له جماعة من أيت عتاب أثناء العزم على زيارته، حيث طلب منهم قومهم التدخل عند الشيخ من أجل طلب الله ببركاته " فقدموا على الشيخ، ولما أرادوا الانصراف من عنده قالوا يا سيدي إن القبيلة قد عهدت إلينا أن نطلب لهم الشتاء عندك، وتوعدونا بالضرب بالحجر إن لم يغاثوا، فقال لهم ما هذا؟ وهل حكم الشتاء بيد محمد؟ - يعني نفسه – فقالوا له يا سيدي أطلب لنا الله و نحن قد إستحيينا أن نرجع إليهم دون شيء، فلما ألحوا عليه اعتراه حال فقال لهم: قوموا واذهبوا إلى الضريح الفلاني وقولوا رفعنا الوسيلة بسيد الرجال، طلبنا الفضيلة لمولى الموال، فقاموا يقولونها وذهبوا حيث أمرهم، فما وصلوا حتى أغاثهم الله بالشتاء ونزل عليهم المطر الوابل".[28]
II _سيدي سعيد أويوسف: 
1 _ الأصل و النسب:
هو سعيد بن يوسف بن محمد بن لحسن الحنصالي الملقب بأبي عثمان، عاش خلال القرن السابع عشر، المصادر التاريخية لا تعطينا سنة ولادته.
هو من سلالة دادا سعيد أحنصال مؤسس الزاوية الحنصالية الأم الموجودة مقرها اليوم بزاوية أحنصال، يقول في هذا الإطار صاحب نشر المثاني في الترجمة له: "ومنهم الشيخ المرابط سعيد أحنصال – بهمزة أوله فحاء مهملة فنون ساكنة – صاحب الزاوية بأيت عطا".[29]
استطاع أن يخلد اسمه ضمن المتصوفين المشهورين بمنطقة تادلة حتى أنه استطاع نقل الزاوية الحنصالية بعد شبه موت لها في مركزها الأصلي، إلى إعطائها حياة جديدة، خاصة أثناء تأسيس زاوية أيت نضريف بواويزغت التي عرفت شهرة كبيرة مع ابنه يوسف بن سعيد تجاوزت النطاق التادلي. هو من سلالة دادا سعيد أحنصال مؤسس الزاوية الحنصالية الأم الموجودة مقرها اليوم بزاوية أحنصال.
ارتبط اسمه أساسا بقبيلة أيت عطا، ولعب فيها دورا كبيرا إنطلاقا من زاويته التي لعبت أدوارا مهمة في تأطير السكان دينيا ، بالإضافة إلى أدوارها الاجتماعية والاقتصادية.
أما فيما يخص سنة وفاة الشيخ سعيد أحنصال فيحددها أحمد عمالك في معلمة المغرب في مادة زاوية أحنصال ب 1114 ه / 1702 م، وهذا بالاستناد على نشر المثاني. ولكن عند عودتنا إلى هذا الأخير لا نجد أي ذكر لسنة الوفاة، و اكتفى صاحب نشر المثاني بذكر إسمه و زاويته و طريقته.[30]
كما يعلن أحمد عمالك عن الالتباس الموجود في مكان وفاته ورجح دفنه بأيت مضريف[31]، وهو رأي نسير معه، لأنه حتى السكان المجاورين له و المشرفين على  الضريح يؤكدون وجود ضريحه هناك لكن مع بعض التحفظات بطبيعة الحال، وهذا أثناء زياراتي المتعددة إلى هذا المكان[32].
 2_ تعليمه :
ابتدأ تعليم أبو عثمان سعيد أحنصال بتعلم القران على يد فقيه من تسليت ( أيت تسليت حاليا جنوب بني ملال )، ولم يترك هذا الشيخ حتى ختم القران.
وبعدها إزداد إصراره على طلب العلم، حيث توجه في عز شبابه إلى القصر الكبير شمال المغرب، ومكث فيها سبع سنين، وهذه المدينة كانت تابعة إلى الزاوية الدلائية.[33]
بالإضافة إلى أنه بعدما اكتمل تعليمه في هذه المدينة توجه إلى العاصمة العلمية للمغرب آنذاك وهي فاس، مكث فيها حوالي سبع سنوات، درس خلالها على ثلة من العلماء المشهورين في ذاك الوقت، ومنها انتقل إلى زاوية أخنوش بتافيلالت ، حيث بقي فيها للدرس و التعلم على يد شيوخها مدة سبع سنوات، خاصة على يد الشيخ أبو عبد الله محمد بن حفيظ المنتمي إلى بني محمد.[34]
وأثناء سفره إلى المشرق نلاحظ أن سعيد أحنصال لم يتوقف عزمه على طلب العلم، وخلال هذه الرحلة نجده تلقى تعاليم الصوفية و بالضبط المنظومة الدمياطية المشهورة على يد الشيخ عيسى الجنيدي الدمياطي.[35] 
وبعد عودته من المشرق توجه إلى زاوية تامكروت، ومنها أخد على شيخها بتامكروت، الذي لقنه مناهج الإمام الشاذلي، كما أخد عن أربعة عشر شيخا أخرين هناك.
كما توجه بعد ذلك إلى تامجوت، حيث تتلمذ على سيدي علي بن عبد الرحمان التامجوتي، وهو الذي أمره بتأسيس الزاوية بأيت مضريف.[36]


3_ أحواله :
قضى الشيخ سعيد أحنصال مدة طفولته في الرعي عند عمه، وبعد أن هرب من عنده بدأت رحلته في طلب العلم، وكانت مدة طويلة استطاع أن يجول فيها مناطق مهمة ويتعلم فيها الكثير[37]. وفي طفولته هذه يقول عيسى العربي أثناء الحديث عن الزاوية الحنصالية: " لقد ابتلي سعيد ابن يوسف الحنصالي باليتم بفقد والده وهو طفل صغير، وكانت عناية عمه برعايته و تربيته قليلة، إذ جعل منه راعيا للغنم فقط الشيء الذي لم يرضى عنه، فقرر يوما الفرار لحفظ القران الكريم على يد فقيه  بتسليت"[38].
وفي حاله يقول كذلك الإفراني في الصفوة: " كان رحمه الله فقيها ناسكا سالم الطوية منور السريرة، طاف الأرض لملاقاة المشايخ شرقا و غربا، فلقي منهم عصابة وسلب من حاله مرارا، وكانت له مشاركة في علم الظاهر ومعرفة بالمقارئ العشرة مع الورع التام، والدين المتين، والوقوف مع [ظاهر] الشرع"[39].  
ذهب لأداء مناسك الحج فألم به مرض هناك فاضطر إلى المجاورة بالمدينة المنورة ثلاث سنوات، وبعد عودته زار ضريح أبي العباس المرسي بالإسكندرية، وتجلى له – في رؤيا_ أربعين وليا، يتوسطهم الرسول صلى الله عليه وسلم ، فمنحوه السوط إشارة إلى الإذن له بالعودة إلى المغرب[40].
وفي طريق العودة تعرض سيدي سعيد للسلب و النهب بتلمسان. ومن شدة الخوف و التعب نسي كل ما حصله من علم بالمشرق. فخارت قواه وفقد الذاكرة و الحال الصوفي الشيء الذي حفزه على استئناف الطلب و التلمذة، وانتقل إلى تامكروت للتعلم على يد الشيخ محمد بن ناصر الذي لقنه تعاليم الشاذلية، واسترجع ذاكرته بعد ذلك[41].
وبعده توجه إلى عبد الرحمان بن علي الدرعي وبقي عنده إلى أن مات، ومن تاموجوت انطلق إلى أيت نضريف، حيث أسس هناك زاوية أيت نضريف على بعد حوالي أربع كلمترات غربي ووزغت[42].  
وعاش عيشة الزاهد الورع مهتما فقط بالشؤون الدينية و بمريديه يلقن لهم مبادئ التصوف دون الدخول في الشؤون الدنيوية التي تركها لولده يوسف بن سعيد، ولم تلعب الزاوية أدوارها التاريخية إلا بعد وفاته، وفي هذا الإطار يقول الإفراني: " وكان يلقن الأسماء الحسنى، و يحض على الإبتهال إلى الله بكرة و أصيلا"[43].
وقد ساهمت الأعمال التي كان يقوم بها سعيد أحنصال في شهرة الزاوية و كثرة أتباعها، خاصة في عهد إبنه يوسف بن سعيد الذي جمع حوله قبائل أيت عطا، و قد ساهم هذا في بروز الصراع بينهم و بين المخزن، الذي تدخل لوضع حد لنفوذ هذه الزاوية وبرز معه الصراع التاريخي المعروف بين هذه الزاوية و السلاطين العلويين الذين سيكون لهم دور كبير في تقزيم دور الزاوية[44].
4_ الطريقة الحنصالية:
لقد استطاع سعيد أبو عثمان الحنصالي بفعل معارفه و تجواله على المتصوفين أن يؤسس للطريقة الحنصالية، التي كانت مزيجا بين مجموعة من الطرق التي تعلمها وكذلك زيادة بعض التحسينات عليها. و استطاعت هذه الطريقة أن تعرف إنتشارا كبيرا في المغرب وخارجه، وهذا يظهر في التوسع الذي عرفته خاصة بعد موت أبو عثمان ورئاسة إبنه يوسف للزاوية[45].
وكان من أهم أسس الطريقة الحنصالية التي كانت تعلم بالزاوية نجد المنظومة الدمياطية التي تعلمها سعيد أبو عثمان في مصر، وكذلك تعلم أسماء الله الحسنى، التي كانت كورد أساسي للزاوية. دون أن نغفل في هذا الإطار الورد الجزولي الذي كان أيضا أساسي و لابد من الأخذ به من طرف جميع المريدين، و الذي تعلمه سعيد أبو عثمان من شيخه علي بن عبد الرحمان الدراوي و الذي أذن له بتلقينه للمريدين، وفي هذا الإطار يقول محمد بن الطيب القادري: " ينسب في الطريقة في الأخذ للشيخ الحسن بن علي بن عبد الرحمان الدراوي دفين تادلا"[46].     
أما فيما يخص الزاوية فقد كانت كما تم ذكره سابقا مشتهرة بفضل هذا الشيخ و خاصة مع بروز طريقته، وظلت طيلة حياة الشيخ تلعب أدوارا مهمة في جميع المجالات، حيث كان الشيخ يهتم بالتأطير الديني للسكان و كذلك مساعدة الناس إجتماعيا، وترك لولده يوسف كل ما يتعلق بالشؤون الدينية، وهو ما أكسبه خبرة مهمة في التعامل مع المشاكل التي سيواجهها فيما بعد خاصة في الصراع مع المخزن، وكذلك معرفته بكيفية التعامل مع قبيلة أيت عطا.

خاتمة:
يظهر من خلال هذا العرض الذي يتناول بعضا من أعلام منطقة واويزغت أن هذه المنطقة عرفت كغيرها من المناطق بالمغرب عامة و الجهة خاصة حركة صوفية مهمة ساهمت بشكل أو بأخر في تحريك تاريخ المنطقة و بروزها ضمن التاريخ العام للمغرب.
لقد لعب الأعلام الذين تناولنا ترجمتهم أدوارا مهمة خلال  حياتهم بالمنطقة، وهذا ما يظهر خلال عرضنا هذا المتواضع الذي حاول لمس بعض جوانب من شخصية سيدي امحند أمحند و كذلك سيدي سعيد أويوسف و بطبيعة الحال انطلاقا من المصادر المتوفرة لدينا.
و هنا أريد أن أشير إلى أن عملنا هذا يبقى بداية لبحث عميق نتمنى في المستقبل أن نتمكن من الحصول على بعض الوثائق و المصادر من أجل المساهمة في دراسة تاريخ المنطقة خاصة و الجهة عامة.
المصادر و المراجع:
_ محمد بن الحاج بن محمد بن عبد الله: صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، تحقيق:د. عبد المجيد خيالي، الطبعة: الأولى ،
مركز التراث الثقافي المغربي، الدار البيضاء، المغرب،
_ أحمد بن محمد بن يعقوب الولالي، مباحث الأنوار في أحبار بعض الأخيار، تحقيق: عبد العزيز بوعصاب، الطبعة: الأولى، السنة: 1999،من منشورات كلية الأداب و العلوم الإنسانية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء
_ محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، تحقيق: محمد حجي و أحمد توفيق، الطبعة: الأولى،السنة: 1982،
منشورات الجمعية المغربية للتأليف ز الترجمة و النشر، نشر و توزيع مكتبة الطالب،الرباط، الجزء : الثاني
_عيسى العربي، قبيلة أيت عتاب : السكان وحياتهم الدينية عبر التاريخ. الطبعة: الأولى ، السنة : 1992 ، مطبوعات الأفق، الدار البيضاء،
_ أحمد عمالك، مادة ووزغت ، معلمة المغرب ، الجزء: 22 ،
_ أحمد عمالك، مادة زاوية أحنصال،معلمة المغرب ، الجزء : الأول ،
_مولاي أسكور، أحمد مدود ، مقاومة الزاوية الحنصالية للإستعمار الفرنسي 1908_1933 ، بحث لنيل الإجازة، السنة الجامعية :2007
_ أحمد عمالك، مادة زاوية أحنصال،معلمة المغرب ، الجزء : الأول ،
_ magali morsy . les ahnsala : examen du role historique d’une famille maraboutique de l’atlas marocain
Au 18 siécle ;maison des sciences de l’homme ; paris, moton, la haye ; imprimé aux pays-bas


_ مونوغرافية دائرة واويزغت، ص : 3[1]
_ محمد بن الحاج بن محمد بن عبد الله: صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، تحقيق:د. عبد المجيد خيالي، الطبعة: الأولى ، [2]
مركز التراث الثقافي المغربي، الدار البيضاء، المغرب، السنة:2004 ،ص: 159
_ أحمد بن محمد بن يعقوب الولالي، مباحث الأنوار في أحبار بعض الأخيار، تحقيق: عبد العزيز بوعصاب، الطبعة: الأولى، السنة: 1999،[3]
من منشورات كلية الأداب و العلوم الإنسانية، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، ص :280
_ محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، تحقيق: محمد حجي و أحمد توفيق، الطبعة: الأولى،السنة: 1982، [4]
منشورات الجمعية المغربية للتأليف ز الترجمة و النشر، نشر و توزيع مكتبة الطالب،الرباط، الجزء : الثاني ، ص: 62
_ نجد هذا الإسم كذلك عند كل من صاحب مباحث الأنوار و نشر المثاني المذكورين سابقا[5]
_ نقلا من مونوغرافية دائرة واويزغت، ص : 5[6]
 _  محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، الجزء: الثاني، ص: 61[7]
 _ نفس المصدر، ص : 60[8]
 _ نفس المصدر ، ص : 61[9]
 _ محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، ص : 62 [10]
_ نفس المصدر ، ص : 62[11]
_ أحمد بن محمد بن يعقوب الولالي، مباحث الأنوار في أحبار بعض الأخيار، مصدر سابق، صص :280، 281 [12]
_ محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، الجزء: الثاني، ص: 61[13]
_ أحمد بن محمد بن يعقوب الولالي ، مصدر سابق، ص :280 [14]
_ محمد بن الحاج بن محمد بن عبد الله: صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، تحقيق:د. عبد المجيد خيالي، مصدر سابق،[15]
ص : 316
_ نفس المصدر: صص: 316، 317[16]
_ أحمد عمالك، مادة ووزغت ، معلمة المغرب ، الجزء: 22 ، ص: 7631[17]
_ محمد بن الحاج بن محمد بن عبد الله: صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، تحقيق:د. عبد المجيد خيالي، مصدر سابق،[18]
ص: 159
_ أحمد بن محمد بن يعقوب الولالي ، مصدر سابق، ص :281[19]
_ محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، الجزء: الثاني، ص: 61 [20]
_ نفس المصدر، ص : 61[21]
_ محمد بن الحاج بن محمد بن عبد الله: صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، تحقيق:د. عبد المجيد خيالي، مصدر سابق،[22]
ص : 159
_ محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، الجزء: الثاني، ص: 61[23]
_ نفس المصدر، ص: 63[24]
_ رواية شفوية، ليوسفي إطو[25]
_ محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، الجزء: الثاني، ص: 62[26]
_ نفس المصدر : ص: 62[27]
_ نفس المصدر، ص:63[28]
_ محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، الجزء: الثالث ، ص: 144 [29]
_ نفس المصدر، ص: 144[30]
__ أحمد عمالك، مادة ووزغت ، معلمة المغرب ، الجزء: 22 ،ص: 184[31]
_ بحث ميداني [32]
_ أحمد عمالك، مادة زاوية أحنصال،معلمة المغرب ، الجزء : الأول ، ص : 184[33]
_مولاي أسكور، أحمد مدود ، مقاومة الزاوية الحنصالية للإستعمار الفرنسي 1908_1933 ، بحث لنيل الإجازة، السنة الجامعية :2007[34]
_ أحمد عمالك، مادة زاوية أحنصال،معلمة المغرب ، الجزء : الأول ، ص : 184[35]
_ magali morsy . les ahnsala : examen du role historique d’une famille maraboutique de l’atlas marocain [36]
Au 18 siécle ;maison des sciences de l’homme ; paris, moton, la haye ; imprimé aux pays-bas ;p :6
_ أحمد عمالك، مادة زاوية أحنصال،معلمة المغرب ، الجزء : الأول ، ص : 184[37]
_عيسى العربي، قبيلة أيت عتاب : السكان وحياتهم الدينية عبر التاريخ. الطبعة: الأولى ، السنة : 1992 ، مطبوعات الأفق، الدار [38]
البيضاء، ص: 326
_ محمد بن الحاج بن محمد بن عبد الله: صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، تحقيق:د. عبد المجيد خيالي، مصدر سابق، [39]
صص: 356_357
_أحمد عمالك، مادة زاوية أحنصال،معلمة المغرب ، الجزء : الأول ، ص : 184[40]
_ نفس المرجع، ص: 184[41]
_ magali morsy . les ahnsala : examen du role historique d’une famille maraboutique de l’atlas marocain [42]
Au 18 siécle . ibid p :6
_ محمد بن الحاج بن محمد بن عبد الله: صفوة من انتشر من أخبار صلحاء القرن الحادي عشر، مصدر سابق، ص: 357 [43]
_ مولاي أسكور، أحمد مدود ، مقاومة الزاوية الحنصالية للإستعمار الفرنسي 1908_1933 ، بحث لنيل الإجازة، السنة الجامعية :2007[44]
ص : 21
_عيسى العربي، قبيلة أيت عتاب : السكان وحياتهم الدينية عبر التاريخ. الطبعة: الأولى ، السنة : 1992 ، مرجع سابق ، ص: 322 [45]
_ محمد بن الطيب القادري، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، الجزء: الثالث ، ص: 144[46]

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire